في الحديث مع عائشة إبراهيم أحمد الريايسة مديرة مركز مشيرف الصحي في إمارة عجمان تجد نفسك أمام أنموذج لسيدة تعشق العمل العام، وتنغمس في خدمة ورعاية المرضى. تعمل أحيانا على مدار الأسبوع حسب حاجة الناس. تطمح إلى تطوير خدمات طب الأسرة وتعميق الثقافة الصحية بين أفراد المجتمع، لتكون سياجا منيعا للوقاية من مختلف الأمراض. تؤكد بأن الاماراتية حققت النجاح في مجالات العمل العام بفضل الله ثم القيادة الرشيدة للدولة، والتي منحت المرأة الثقة ووفرت لها أسباب النجاح، إضافة أن نجاح المرأة تحقق نتيجة للتعليم والمعرفة والمثابرة في العمل وإثبات الذات. تؤمن عائشة بأهمية عمل المرأة ومساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخدمة تراب الوطن إلى جانب الرجل. وأكدت في حوارها مع (البيان) على أهمية أن توازن المرأة بين العمل والبيت وتربية الأبناء في جو مفعم بالحنان والرعاية، وعدم الاعتماد على الخادمات في تربية الأبناء.
الولاء
مشيرة إلى ضرورة التواصل بين أفراد الأسرة والعائلة الممتدة من جانب الوالد والوالدة في ظل طوفان العولمة، والحرص على غرس حب الولاء للقيادة الرشيدة، والانتماء للوطن في نفوس الأولاد منذ الصغر.
كما أكدت أهمية تسلح الأم بالمعرفة وتمكنها من أدوات التقنية الحديثة التي فجرتها ثورة المعلومات بغرض مراقبة الأبناء في الفضاء الالكتروني المفتوح، وأن تجد الأم الإجابة عن كل سؤال، لافتة إلى سيل المعلومات الجارف الذي يتعرض له الجيل الحالي والذي يأتيه من كل حدب وصوب، لذا توجب حمايتهم من آثار وأفكار العولمة الدخيلة على كيان الأسرة مما قد يعرضها للتدمير.
الدراسة
تقول عن نشأتها و تعليمها: درست مراحل التعليم الأساسية والثانوية في إمارة عجمان، وتفتحت بصيرتي مع قيام دولة الاتحاد وأكملت دراستي الجامعية بعد الزواج حيث حصلت على بكالوريوس إدارة المصارف وعلوم إدارية من جامعة الإمارات في عام 1992.
وتضيف: في عام1996 عملت في ديوان وزارة الصحة في إمارة دبي في قسم الشؤون المالية لمدة عامين، وبعدها عملت مديرة لمركز مشيرف الصحي وذلك بعد زيارة قام بها محمد الشيبة المدير السابق لمنطقة عجمان الطبية لمقر الوزارة وشاهدني وأنا أعمل هنالك، فسألني: "هل لديك الرغبة بالعمل في عجمان؟ وتديرين مركزا صحيا جديدا؟" أبديت الموافقة وجئت إلى عجمان في عام1998 والحقيقة وجدت دعماً كبيراً من صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان وقرينته الشيخة فاطمة بنت زايد بن صقر آل نهيان، وقدما لي كل أوجه الدعم لتطوير المركز، مع توفير الإمكانيات المادية، وكان هذا الأمر حافزا كبيرا لتحقيق النجاح، وقد كانت بداية المركز بعدد3 عيادات فقط، أما اليوم فإن المركز يقدم خدمات طبية متكاملة لمنطقتي مشيرف والجرف.
صعوبات
أما الصعوبات التي توجد في كل مكان حسب عائشة، فإنها تؤكد ضرورة التغلب عليها من أجل تطوير العمل، ومن أجل تقديم الخدمات للمحتاجين، لاسيما المرضى، لكونهم بحاجة دائمة إلى من يخفف آلامهم، علما أن الوضع الآن تغير كثيرا بفضل متابعة واهتمام القيادة الرشيدة، ولو تذكرنا في السابق، فإن عملية تعيين الكوادر الطبية كانت تستغرق 6 أشهر، والشواغر لا تشغل بسهولة، مما يعيق تقديم خدمات علاجية، أما اليوم فيتم توفير الشواغر بأسرع وقت، وذلك لجهود مدير منطقة عجمان الطبية حمد تريم الشامسي.
وحول كيفية تعاملها كمديرة مع العاملين في المركز، تقول: أتعامل مع الجميع كأخت كبرى، الرجال والنساء على حد سواء، فنحن العاملون في المركز نعمل بروح الفريق الواحد، في جو من التجانس، حيث لم اشعر قط بفرق بين الطبيب والفراش، الكل له وعليه دوره المهم، وأضافت: أنا أؤمن بأن النجاح في العمل العام يتحقق من مشاركة جميع العاملين، وليس نتيجة جهد فردي، والمدير ليس باستطاعته وحده تحقيق النجاح من دون عون وعمل الآخرين، لذلك يشيع بين جميع العاملين في المركز مشاعر الاحترام والتقدير.
أما عن أداء المرأة الاماراتية في العمل العام، فإنها تحمد الله، ثم تعيد الفضل إلى دعم القيادة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
تفهم ودعم
تثني عائشة على موقف زوجها الداعم والمتفهم قائلة: إنه يقدر طبيعة عملي وكان إلى جانبي حتى أكملت دراستي الجامعية، لكونه يؤمن بأهمية خدمة الوطن كواجب على كل رجل وامرأة في هذه الدولة الطيبة ولاسيما خدمة المرضى والتخفيف عنهم، وخلال شهر رمضان الماضي حدث حريق في أحد المنازل في منطقة الجرف، وأصيب أفراد الأسرة وفي ذلك اليوم عملت في المركز إلى ساعات متأخرة حنى الفجر. ولذلك أحرص على النجاح في العمل، من دون الاخلال بتوازن الأسرة وتربية الأولاد، كما أقوم بالمذاكرة لبناتي ومراجعة الواجبات، آملة أن تتخرج بناتي في الجامعات، وأزوجهن وأرى ابني رجلًا ناجحاً في الحياة، يخدم وطنه وعلى صعيد العمل آمل أن أطور خدمات طب الأسرة في مركز مشيرف الصحي ونشر التوعية الصحية وتعزيز مفهوم "الوقاية خير من العلاج".
ندوات مركز تنمية المجتمع لربات البيوت
يحيلنا الحديث بالضرورة إلى الجانب الصحي في المجتمع، خاصة ما يثير إشكالية على الصحة، حيث علينا جميعا إعادة النظر في النمط الغذائي الذي نطعمه لأولادنا، إذ يجب على الأمهات تجنيب أولادهن تناول الوجبات السريعة التي تضر بصحة الأطفال، وعلى الأمهات كذلك ضرورة معرفة الغذاء الصحي السليم الذي يوفر الطاقة ويقي الأطفال من الأمراض، ويبعدهم عن خطر الأمراض المزمنة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والبدانة، وأن تركز الأمهات على تنويع تغذية أفراد الأسرة بتقديم الخضروات والفواكه واللحوم البيضاء والحليب الطازج من أجل تحقيق صحة مستدامة للجميع.
ويتحقق ذلك بتقديم برامج أسبوعية في شكل محاضرات وندوات، في مركز تنمية المجتمع لربات البيوت، تتناول مواضيع مختلفة منها التغذية السليمة، والتعريف بأخطار الأمراض المزمنة، كما يتم تنظيم محاضرات لنزيلات المنشآت الاصلاحية والعقابية، مع الحرص على توعية الأمهات خلال المراجعة لإجراء الفحوص المختلفة، ناهيك عن برامج توعوية لحماية وبناء وتأمين السعادة للأسرة.
ترياق الأسرة السعيدة
بناء الأسرة السعيدة يرجع إلى التمسك بالدين الاسلامي الحنيف لكونه الترياق الأساسي لحماية الإنسان، وضرورة تماسك الوالدين وتواصلهم مع العائلة الممتدة من جهة الوالدين، حيث تثبت النتائج جدوى وضرورة الالتزام بزيارة وبقاء الأحفاد مع جديهم، والاستماع لسرد الحكايات منهم، فهو الأمر الذي يدخل البهجة إلى نفوسهم جميعا.
وللتوفيق بين مهام العمل وواجبات البيت لابد أن تكون الاهتمامات بالأسرة والعمل في تواز في ذات الوقت، والعمل بتوازن من أجل أن يسير العمل بصورة متميزة، على أن تكون رعاية البيت والأولاد والزوج والأسرة هي الأساس، فهناك متسع من الوقت لاسيما في نهاية الأسبوع حيث يمكن من وضع برامج يقوم بها أفراد الأسرة مجتمعين، منها تشكيل حلقة تلاوة للقرآن الكريم مثلا، أو تبادل سرد الحكايات والقصص، لما لها من أبعاد تربوية وتنويرية ومعرفية، وتوطيد لأواصر الأسرة، ببعضهم وبأرضهم، وخاصة في ما يخص نشأة الوطن وتكوين الاتحاد ودور الرواد من القادة المؤسسين رحمهم الله في تأسيس الدولة، وضرورة غرس حب الوطن، وتعزيز مبادئ الولاء والانتماء للقيادة الرشيدة في الوطن. فالوطن أعطى لأبنائه الكثير، منها توفير مؤسسات التعليم العالي، والرعاية الصحية، والسكن المناسب، والحياة الكريمة، ويجب على الجميع أن تتضافر جهودهم للحفاظ على المنجزات التي تحققت في ظل الاتحاد.