الزائر لمتحف شرطة دبي الذي افتتح في 19/11/1987م، تستقبله أروقة تسجل تاريخ هذا الجهاز الأمني العريق ومراحل تطوره وتقدمه، وتروي قصص الإنجازات التي تحققت منذ تأسيس شرطة دبي عام 1956 م وحتى الآن، وتشهد على مواكبتها ركب الحضارة وتميزها الدائم.
وفي شهر أبريل من عام 1995 م قرر المجلس الدولي للمتاحف خلال الاجتماع الذي عقده في الأردن، إدراج متحف شرطة دبي في سجل المتاحف العربية، والمتحف الأول من نوعه على مستوى الدولة، وذلك تقديراً لشرطة دبي على ما قامت به من تنظيم جيد لهذا المتحف المتميز.
بين الماضي والحاضر
وسجل متحف شرطة دبي بمحتوياته شواهد تاريخية تربط الماضي العريق للآباء والأجداد بحاضر الأبناء والأجيال المتعاقبة التي ستظل تقتطف من ثمرات هذه الجهود العظيمة، وتنهل من ينابيعها المعطاءة، لتـبني عزاً حاضراً ومجداً آتياً، على أسس راسخة يفوح منها عبق الماضي بكل عظمته.
ولقد هدف إنشاء المتحف إلى إبراز التراث الحضاري والوجه المشرق لشرطة دبي، والمحافظة على هذا التراث من الاندثار وتوثيق ما أنجزه السابقون من أفراد القوة، ونشر الثقافة الشرطية في مختلف قطاعات المجتمع وتنشيط الحركة الفنية والعلمية المتعلقة بالمتاحف، وخلق صلات طيبة بين جهاز الشرطة والمؤسسات العلمية والتربوية من خلال تنظيم الزيارات الميدانية لأقسام ومرافق المتحف التي تعد شاهداً تاريخياً صادقاً يعكس الوجه المشرق لشرطة دبي.
وينقسم المتحف إلى عدة أقسام أهمها قسم خاص بالصور الفوتوغرافية القديمة والحديثة، إضافة إلى المجسمات والأدوات التي استخدمت مع بداية تأسيس قوة شرطة دبي، وقسم الأسلحة ويشتمل على أسلحة قديمة، وحديثة تخدم في شرطة دبي، كما يشتمل على مجموعة وسائل خاصة بمكافحة الشغب، و قسم خاص بالأجهزة والآلات المستخدمة يـــوجــــــد في مراكز الشرطة، و قسم خاص بإنجازات الشرطة في مجال مكافحة المخدرات.
بالإضافة إلى قسم للشرطة بدول مجلس التعاون الخليجي، و قسم خاص بالحرف اليدوية كالأثاث والقوارب والمجسمات المنحوتة ، ويضم أيضاً نماذج من صناعات الحرف والنماذج التي ينتجها قسم الحرف التابع للإدارة العامة للمؤسسات العقابية بشرطة دبي، و قسم خاص بحملات التوعية المرورية التي تنظمها شرطة دبي منذ العام 1984م .
محطات مجيدة
وعند دخول الزائر للمتحف تطل عليه من اليمين واليسار صور فوتوغرافية توثق محطات مجيدة من تاريخ شرطة دبي، ومسيرة الأمس بما تشتمل عليه من مناسبات ومراسيم وقرارات أميرية أبرزها المرسوم الأميري الخاص بتعيين سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيساً للشرطة والأمن العام في دبي عام 1968، كما يوجد مرسوم آخر خاص بتعيين الفريق سمو الشيخ أحمد بن راشد آل مكتوم نائباً لرئيس الشرطة والأمن العام في دبي عام 1997.
كما تخلد هذه الصور مناسبات لإنجازات هامة من تاريخ شرطة دبي مثل حفلات التخريج التي كان يحرص المغفور له - بإذن الله - الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم على حضورها ليرصع صدور الخريجين بالأوسمة والشارات وهي كثيرة ومتنوعة، بعضها للتفوق في أي مجال من المجالات وبعضها الآخر حوافز معنوية مقابل الإخلاص في العمل والتضحية.
وكما وسام الشجاعة الذي يعطي للأفراد الذين يتعرضون للإصابة أو الاعتداء وهم يقومون بواجبهم. كما تشتمل هذه الصالة على قسم خاص بالشرطة في دول مجلس التعاون الخليجي مثل الملابس العسكرية القديمة والحديثة ونماذج متعددة من الأوسمة والنياشين والشعارات والصور والكتيبات.
قاعات خاصة
وفي 28/2/2008، تم افتتاح المتحف الجديد والذي يحتوي على قاعات عدة أهمها، القاعة الخاصة بمعالي الفريق ضاحي خلفان تميم، قائد عام شرطة دبي، والتي تشتمل على المرسوم الذي تم فيه تعيينه قائداً عاماً لشرطة دبي والهدايا التي أهديت لسعادته من داخل الدولة ومن مختلف الدول الصديقة والشقيقة.
بالإضافة إلى الجوائز التي تسلمها معاليه، مثل جائزة تكريمه من قبل الأمم المتحدة لاختياره أبرز شخصية عربية للعام 2001 في مجال مكافحة المخدرات والتي قام بتسليمها له الدكتور مهدي علي الممثل الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لبرنامج الأمم المتحدة،، كما تم منح معاليه الدبوس الذهبي من المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وهو أعلى وسام يمنح لأول شخصية عسكرية وكان ذلك في 4/4/2007 .
وأيضا قاعة اليوبيل الذهبي، وتشتمل هذه القاعة على صور خاصة بالاحتفالات التي أقيمت في دبي بمناسبة مرور خمسين عاماً على إنشاء شرطة دبي، حيث تجسد هذه الذكرى العطرة الإنجازات التي حققتها شرطة دبي سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو العربي أو الدولي، كما يتعرف الزائرون في هذه القاعة إلى التسلسل التاريخي لتشكيلات قيادات شرطة دبي المتعاقبة من قادة وضباط وإلى رتبهم العسكرية.
وأيضاً تشتمل معروضات هذه القاعة على ركن خاص بالصور التذكارية المتنوعة منها صورة للمغفور له محمد سعيد بوحيمد أول شرطي في قوة شرطة دبي عام 1956. وثمة صورة تاريخية هامة لأول تصميم لشعار شرطة دبي، وصورة لأول أمر صدر في قوة شرطة دبي بتاريخ 4/4/1968، والنسخة الأولى لقانون شرطة دبي عام 1966، والعدد الأول من مجلة الأمن، وصور لأفراد شرطة دبي بأزيائهم العسكرية في مرحلة لاحقة من تاريخ شرطة دبي.
المساهمات المجتمعية
وتحكي قاعة المشاركات الاجتماعية بقسمها الخاص بحملات التوعية المرورية عن نماذج من ملصقات حملات التوعية الأمنية المرورية التي تنظمها شرطة دبي سنوياً بهدف التقليل من حوادث السير، وقسم خاص بالمشاركات الاجتماعية والمتمثلة في مشاركة شرطة دبي في إنقاذ منكوبي زلزال «بم» في إيران وبعض الدول الأخرى، و قسم خاص بالأسلحة العراقية والتي تم إحضارها من الكويت .
وذلك بعد تحريرها في عام 1991، وقسم خاص بالحرف اليدوية ويضم الصناعات والمشغولات اليدوية التي يقوم بإنجازها السجناء، ويشتمل على معروضات يتم بيعها بأسعار رمزية لزوار المتحف، مثل الشعارات الخاصة بالشرطة، والساعات والحقائب والميداليات والكروت الخاصة باليوبيل الذهبي، بالإضافة إلى قاعة التجهيزات العسكرية والفنية، والتي تحتوي على مجموعة من الأسلحة القديمة والحديثة.
وكذلك الأجهزة القديمة مثل أول رادار بحري كانت تستخدمه القوات البحرية في الستينات، وأول رادار لرصد مخالفي السير والمرور وكذلك الأزياء القديمة الخاصة بشرطة دبي، بالإضافة إلى الشارات والرتب العسكرية ومسمياتها من الماضي والحاضر، وقاعة التحريات والأدلة الجنائية.
والتي تشمل على إنجازات الشرطة في مجال مكافحة المخدرات التي تتمثل في عرض بعض الوسائل التي استخدمت في تهريب وإخفاء المخدرات، وكذلك قسم خاص بالبصمات، إضافة إلى بعض الجرائم الغامضة والتي تم اكتشافها من قبل شرطة دبي، وأيضاً المعروضات الخاصة بحادث تحطم طائرتين ونسخة من القرآن الكريم كانت بين الحطام ومع ذلك ظلت سليمة ولم تحترق.
أبواب مفتوحة
يعتبر متحف شرطة دبي أول متحف مؤسسي تابع لجهة حكومية في الدولة بشهادة هيئة دبي للثقافة كما تم إضافته إلى قائمة المتاحف العربية، ومن أبرز الشخصيات التي قامت بزيارة المتحف، سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي لحكومة دبي، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، وسمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، وسمو الشيخ زايد بن حمدان بن زايد آل نهيان، بالإضافة إلى وفود من الشرطة العربية والقنصليات الأجنبية في الدولة، ودبلوماسيين عرب وإماراتيين.
ويفتح المتحف أبوابه للجميع، ليشهدوا على التاريخ العريق لشرطة دبي، حيث شهد المتحف عددا من الزيارات بلغت 730 زيارة حتى شهر يوليو الماضي من قبل طلاب المدارس والجامعات من الدولة وخارجها، بالإضافة إلى طلاب الدورات الصيفية لهذا العام، الذين عبروا عن إعجابهم عما شاهدوه من محتويات في المتحف .