ذكرت خطبة الجمعة أمس أن الأمة الاسلامية تعيش الآن في أيام كريمة على الله تعالى تحفل بخير وفير وتضم في ثناياها فضل يوم كبير، هو من أفضل أيام العام إنه يوم عرفة الذي يتجلى الله فيه على عباده ويكرم حجاج بيته الحرام ويقبل دعاءهم فيفيضوا مغفورا لهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وأما وقوفك عشية عرفة فإن الله عز وجل يهبط إلى السماء الدنيا ثم يباهي بكم الملائكة ويقول: هؤلاء عبادي جاؤوني شعثا غبرا من كل فج عميق يرجون رحمتي فلو كانت ذنوبهم عدد الرمل أو عدد القطر أو زبد البحر لغفرتها أفيضوا عبادي فقد غفرت لكم ولمن شفعتم له».
وأضافت أن فضل يوم عرفة لا يقتصر على الحجاج وإنما يشمل المسلمين جميعا، حيث سن النبي صلى الله عليه وسلم صيام هذا اليوم المبارك لغير الحاج فصيامه يكفر ذنوب سنة ماضية وسنة مستقبلة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام يوم عرفة غفر له سنة أمامه وسنة بعده» وقال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن صوم يوم عرفة: كنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعدله بصوم سنتين.
وذكرت الخطبة ان للدعاء في يوم عرفة خصوصية زائدة على الدعاء في غيره من الأوقات، لكثرة ما يجود به الله تعالى على عباده في هذا اليوم، ولعظيم ما يتفضل به عليهم من إجابة دعائهم، وتحقيق مرادهم، وقبول رجائهم وبلوغ أمانيهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» حتى إن الشيطان ليخنس، فما يرى يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما رأى من تنزل رحمة الله تعالى وتجاوزه عن ذنوب عباده، وعتقه لرقابهم من النار.
خطبة الرسول يوم عرفة
وفي يوم عرفة وقف النبي صلى الله عليه وسلم على صعيد عرفات يخطب في أصحابه رضي الله عنهم، ووضع النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته أصول التعايش بين المسلمين مع بعضهم بعضا وكذلك مع غير المسلمين وفيها شدد النبي صلى الله عليه وسلم على حرمة الدماء والأعراض والأموال وصيانتها حتى يأمن الناس على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم.
وأكد على أهمية أن تؤدى الحقوق لأصحابها وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرا، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا... فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله».
ومن أعظم الأعمال التي يتقرب بها المسلم لربه تعالى في يوم عرفة إدخال السرور على المساكين، والسعي في قضاء حاجات الفقراء والمحتاجين، فهنيئا لمن يقف على عرفات، وهنيئا لمن صام يوم عرفة من غير الحجيج، وهنيئا لمن اغتنم هذه الأيام في التقرب إلى الله، وسعى في مرضاة مولاه، فنصب قدميه لله قائما وتصدق وأعطى من ماله باذلا متقربا، وعمر وقته بذكر الله تعالى وبتلاوة كتابه، وبر والديه ووصل أرحامه وصفى قلبه وكظم غيظه وأصلح نفسه، وتجاوز عمن أساء إليه، وسابق إلى خصال الخير، قال الله سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون).
الاضاحي سنة
جاء في الخطبة الثانية أن الأضاحي سنة وهي نسك افتدى الله تعالى به نبيه إسماعيل عليه السلام، قال تعالى: (وفديناه بذبح عظيم) وفيها مواساة للفقراء والمساكين في هذه الأيام، فينبغي للمضحي أن يختار أضحيته سليمة خالية من العيوب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أربعة لا يجزين في الأضاحي: العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والكسيرة التي لا تنقي».